لا إله إلا الله
قول بعض أهل العلم في معنى "لا إله إلا الله" :
- ابن جرير الطبري : معناه النهي عن أن يعبد شيء غير الله الحي القيوم. (12)
وقال: {وأن لا إله إلا هو}، يقول: وأيقنوا أيضًا أن لا معبود يستحق الألوهة على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر، فاخلعوا الأنداد والآلهة ، وأفردوا له العبادة. (13)
- أبو المظفر السمعاني : {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} أي : لا أحد يستحق العبادة سواي . (14)
- البيهقي (458هـ) : فمعنى الإله: المعبود، وقول الموحدين: لا إله إلا الله معناه لا معبود غير الله. (15)
- القرطبي (671هـ) : قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} نفي وإثبات. أولها كفر وآخرها إيمان، ومعناه لا معبود إلا الله. (16)
قال أبو هلال العسكري : وأما قول الناس لا معبود إلا الله فمعناه أن لا يستحق العبادة إلا الله تعالى. (17)
- ابن كثير: فقوله {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق. (18)
- السيوطي (911هـ) : «اللَّه لَا إلَه» أي لا معبود بحق في الوجود «إلَّا هُوَ». (19)
- البهوتي (1051 هـ) : (أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق) (20)
وغيرهم كثير
فبهذا يُعلم أن اعتقاد بعض المسلمين بأن معنى «لا إله إلا الله» أي: لا خالق إلا الله، غلط؛ فإن مشركي العرب وغيرهم كانوا مُقرِّين بأن الله وحده الخالق ولكنهم عبدوا الأصنام والملائكة وغيرها، قال الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت : 61] وغيرها أدلة كثيرة في القرآن الكريم، سنفرد لها مقالا خاصا بها إن شاء الله.
وشهادة أن لا إله إلا الله تتضمن إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير، فالذي يستحق العبادة هو خالق العباد ومالكهم ومدبر شؤونهم، وقد حجّ الله عز وجل المشركين باعتقادهم بانفراد الله بالخلق والملك والتدبير على إفراده بالعبادة دون آلهتهم الباطلة التي ليس لها شيء من ذلك، وقد كان المشركون يقولون في تلبيتهم «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ إِلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ)» يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ. (21)
ولو كان هناك إله غير الله مستحق للعبادة لكان مماثلا لله عز وجل، فيكون أيضا خالقا ومالكا ومدبرا، وهذا ظاهر الفساد، قال الله عز وجل {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون : 91]
قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية:
(يقول تعالى ذكره: ما لله من ولد، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته {مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ} يقول: إذن لاعتزل كل إله منهم {بِمَا خَلَقَ} من شيء، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعض، وغلب القويّ منهم الضعيف؛ لأن القويّ لا يرضى أن يعلوه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها، لمن عقل وتدبر.) (22)
فـ«لا إله إلا الله» تعني: لا معبود بحق إلا الله، أو لا يستحق العبادة إلا هو. والشهادة بذلك تتضمن الشهادة بأنه وحده الخالق المالك المدبر، وأنه لا مثل له ولا نظير، لأن الذي تصلح عبادته هو خالق كل شيء ومدبره ومالكه، ليس كمثله شيء.